
كتبت / رنيم علاء نور الدين
في إحدى ليالي ديسمبر الباردة، في شارع جانبي هادئ بمنطقة المطرية، سُمعت أصوات تكسير عنيف داخل شقة في الطابق الرابع، ثم صرخة امرأة اختنقت فجأة، تلتها لحظات من الصمت الثقيل. الجيران، وقد ظنّوا أنه شجار عائلي، لم يتدخلوا. لكن في الصباح، كان الخبر قد انتشر في العمارة: “أستاذ فؤاد قتل مراته”.
فؤاد، موظف في هيئة البريد، خمسيني هادئ الطبع، معروف لدى الجيران بأنه رجل بيت، لا يخرج كثيرًا ولا يحتك بأحد. زوجته، نادية، كانت تعمل ممرضة، تُحب الزيارات العائلية والسهر أمام التلفزيون. طوال 25 سنة من الزواج، لم يُسمع عنهما سوى كل خير، إلى أن جاء اليوم الذي تحوّل فيه فؤاد إلى قاتل.
بعد توقيفه، لم ينكر الجريمة. جلس بهدوء أمام وكيل النيابة، وقال جملته التي ظلّت تتكرر في التحقيقات: “أنا اتخدعت 25 سنة”.
القصة بدأت قبل ثلاثة أشهر من الجريمة. فؤاد، الذي كان يعاني من تعب في القلب، اضطر للجلوس في البيت لفترات طويلة. بدأ يلاحظ أمورًا غريبة، مكالمات متأخرة، رسائل تُمسَح بسرعة من هاتف زوجته، خروج غير مبرر في أوقات غير معتادة.
حاول أن يواجهها بلطف. قالت إنها مجرد صديقة تتحدث معها، وإن الأمر لا يستحق هذا القلق. لكنه لم يقتنع. في إحدى الليالي، تسلل إلى هاتفها وهي نائمة، ووجد رسالة قصيرة من رقم غير مسجل: “وحشتيني… إمتى هنشوف بعض؟”.
منذ تلك الليلة، تغير كل شيء في داخله. لم يواجهها. لم يصرخ. بل بدأ يكتب كل شيء في دفتر صغير، يتابع تحركاتها، يرسم خطوطًا، يحتفظ بتسجيلات صوتية لبعض مكالماتها، رغم أنها كانت تُحذفها بعد كل مكالمة.
في الليلة الأخيرة، عاد مبكرًا إلى البيت دون أن يخبرها. وجدها على الهاتف، تضحك بصوت منخفض وهي في غرفة النوم. دخل بهدوء، وسمعها تقول: “البيت فاضي النهارده”. حين رأته، انقطع الصوت من وجهها، وسقط الهاتف من يدها.
لم يتحدث. أمسك بمكواة كانت على الطاولة، وضربها بها على رأسها. سقطت، لكنه لم يتوقف. ظل يضرب حتى توقف جسدها عن الحركة، ثم خرج من الغرفة، دخل المطبخ، شرب كوب ماء، واتصل بالشرطة: “مراتي ماتت… أنا قتلتها”.
التحقيقات كشفت أن فؤاد لم يكن يعاني من أي أمراض نفسية سابقة، لكنه كان منطويًا وكتومًا، يعيش في عالمه الخاص. بعض الجيران قالوا إنه كان مريض شك، بينما آخرون أكدوا أن نادية كانت سيدة محترمة ولا يمكن أن تخونه.
الطب الشرعي أكد أن الوفاة جاءت نتيجة تهشم في الجمجمة بسبب ضربات متتالية بجسم صلب. النيابة وجهت له تهمة القتل العمد، وطلبت تقريرًا من الطب النفسي لتقييم حالته وقت ارتكاب الجريمة.
حتى هذه اللحظة، لا توجد أي أدلة مادية على الخيانة التي تحدث عنها. الرسائل اختفت، والهاتف تم كسره أثناء الحادثة، ما يجعل القضية معلّقة بين شك داخلي تراكم لسنوات، وانفجار عنيف قضى على حياة امرأة وعلى استقرار بيتٍ دام ربع قرن.
Author Profile

-
إشعار خبر: منصة إخبارية سريعة تقدم أحدث الأخبار المحلية والعالمية، مع تغطية شاملة في مجالات الرياضة، الاقتصاد، الفن، والصحة، لتبقيك دائماً على اطلاع.
Latest entries
أخبار مصر12 مايو، 2025إحالة أوراق قاتل ابنة خالته للمفتي بعد جريمة قتل مروعة في الدقهلية
أخبار مصر12 مايو، 2025حبس تيك توكر “أم رودينا” 4 أيام بتهمة نشر محتوى خادش للحياء واستغلال مواقع التواصل للتربح
أخبار مصر12 مايو، 2025ضبط رئيس شركة بتهمة غسل أموال بقيمة 150 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين
أخبار مصر12 مايو، 2025الدولار ينخفض مقابل الجنية المصرى بالبنوك المصرية اليوم الاثنين 12 مايو 2025
إشعار خبر: منصة إخبارية سريعة تقدم أحدث الأخبار المحلية والعالمية، مع تغطية شاملة في مجالات الرياضة، الاقتصاد، الفن، والصحة، لتبقيك دائماً على اطلاع.