
كتبت / رنيم علاء نور الدين
في منطقة العمرانية بالقاهرة، استيقظت عائلة مكونة من أب وأم وطفل صغير على مصير لم يكن في الحسبان، بعدما دخل الموت إلى بيتهم من باب الحب، لكن مشوّهًا بالغيرة والشك والانتقام.
الضحية الرئيسية كانت أسماء رأفت، 31 عامًا، ربة منزل وأم لطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات. زوجها، كريم محمد، يعمل فني كهرباء، وعُرف في المنطقة بأنه رجل ملتزم، هادئ الطباع. لكن خلف هذا الهدوء، كان يكمن بركان من الغيرة والوساوس التي تغذيها أفكار لم يؤكدها شيء سوى الظنون.
القصة بدأت قبل شهر من الجريمة، حين التقطت أسماء صورة سيلفي عادية داخل بيتها، لكنها نشرتها على صفحتها الشخصية على “فيسبوك” مرفقة بجملة تقول: “كل يوم أعيش فيه وأنا راضية هو مكسب”. لم يكن في الصورة شيء مثير، لكنها أظهرت انعكاسًا في المرآة الموجودة خلفها، ظهر فيه جزء من يد رجل يحمل كوبًا من الشاي.
خلال دقائق، انهالت التعليقات والتلميحات. أحدهم كتب: “اللي ورا ده جوزك؟”، وآخر أرسل الصورة إلى حساب زوجها كريم، مدعيًا أن “فيه حد غريب في البيت وقت غيابك”.
كريم واجه أسماء، فصُدمت تمامًا، وأقسمت أن اليد تعود لشقيقها الذي كان يزورهم يومها، وأنه خرج قبل أن تلتقط الصورة بلحظات. لكنها لم تفكر في حذف المنشور، واعتبرته أمرًا تافهًا. غير أن كريم لم ينسَ، وبدأت الغيرة تسيطر عليه لدرجة مرضية، وبدأ يتابع زوجته في كل حركة، ويسأل الجيران عنها، بل وتواصل مع أهلها ووبّخهم على “تربيتها”.
في يوم الجريمة، عاد كريم من عمله مبكرًا على غير عادته، ووجد زوجته تضحك وهي تتحدث في الهاتف، فسحب الهاتف من يدها فوجد أنها تتحدث مع صديقتها، لكن الشك كان قد أعماه. بعد لحظات من الصمت، دخل إلى المطبخ، أمسك بسكين، وسدّد لها ثلاث طعنات في الظهر، ثم طعنة رابعة في الرقبة.
طفلهما، الذي كان جالسًا على الأرض يشاهد الكارتون، بدأ يصرخ ويبكي، فشعر كريم بالرعب، واحتضنه وهو يردد: “أنا قتلت أمك… أنا مش عارف عملت كده ليه”، ثم خرج من الشقة وسلّم نفسه للشرطة.
في التحقيقات، بدا كريم مضطربًا، لكنه لم ينكر الجريمة، بل قال: “أنا كنت حاسس إنها بتخدعني… وكل ما أتذكر الصورة دي، بحس إن فيه حد كان معاها وأنا مش موجود”. النيابة أمرت بعرضه على الطب النفسي، بينما كشف تقرير المعمل الجنائي أن الجريمة تمت خلال أقل من دقيقتين، وأن أسماء لم يكن لديها فرصة للدفاع عن نفسها.
القضية أثارت موجة من النقاشات حول تأثير وسائل التواصل على العلاقات، وكيف يمكن أن تتحول صورة عفوية إلى وقود لجريمة بشعة.
Author Profile
