
كتب: حسن أيمن
أن تخاف من الحديث… ليس ضعفًا
الرهاب الاجتماعي ليس خجلًا عابرًا، بل شعور داخلي قوي بأن كل العيون تراقبك، وأن أي كلمة قد تُساء فهمها، وأن أقل حركة قد تصبح محل سخرية.
هو خوف عميق من الحُكم، ومن أن تكون على المسرح حتى وأنت بين أصدقاء.
متى يبدأ الرهاب؟
غالبًا في مرحلة الطفولة أو المراهقة، بسبب موقف محرج، أو نقد لاذع، أو بيئة لا تسمح بالتعبير.
يبدأ بتجنب المناسبات، ثم يتوسع: رفض مقابلات العمل، صعوبة في تكوين صداقات، توتر من أبسط تفاعل اجتماعي.
ماذا يشعر به من يعاني من الرهاب؟
تسارع في ضربات القلب عند الحديث.
رغبة في الاختفاء أو الصمت.
تفكير مفرط فيما قيل، وكيف فُهم.
شعور دائم بأنه “ليس كفؤًا” أو أنه “سيفشل أمام الناس”.
الرهاب لا يعني أنك ضعيف
بل يعني أن عقلك يحاول حمايتك… بشكل مبالغ فيه.
الخوف ليس عدوك، لكن التصديق الكامل له هو ما يحجّمك.
المواجهة لا تبدأ بالصعود على مسرح، بل بقول “مرحبًا” دون ارتباك.
كيف تتعافى؟ خطوات نحو التحرر من الرهاب الاجتماعي
التعافي لا يأتي دفعة واحدة، بل من خطوات صغيرة تُكرر يوميًا. إليك ما يساعد فعليًا:
1. افهم مخاوفك بدلًا من مقاومتها
ابدأ بكتابة المواقف التي تُشعرك بالقلق، وحدّد ماذا تخاف أن يحدث. أحيانًا، مجرد تسمية الخوف تُفقده نصف قوّته.
2. طبّق “التعرّض التدريجي”
لا تقفز إلى أصعب موقف مرة واحدة.
ابدأ بحوارات بسيطة، اسأل عن الطريق، اطلب قهوتك بنفسك، تحدث إلى زميل… مع الوقت، هذه اللحظات الصغيرة تصنع فرقًا كبيرًا.
3. راقب حوارك الداخلي
غالبًا ما يكون الصوت في رأسك هو السبب الحقيقي للشلل. بدلًا من “أكيد هيفكروا إني غبي”، قل: “أنا شخص عادي، ولي حق في الغلط والمحاولة”.
4. مارس تمارين التنفس والتأمل
قبل موقف اجتماعي، خصص دقيقتين فقط لتتنفس ببطء وعمق. هدوء الجسد يُرسل إشارة للدماغ بأنك بأمان.
5. الجأ للدعم المهني عند الحاجة
العلاج المعرفي السلوكي (CBT) أثبت فعاليته الكبيرة مع حالات الرهاب.
الأخصائي لن يحكم عليك، بل سيمشي معك خطوة بخطوة، نحو نسختك الأكثر ثقة.
6. احتفل بالتقدم الصغير
ربما قلت كلمة في اجتماع، أو شاركت في مناسبة لأول مرة.
سجّل هذا التقدم، وذكّر نفسك أنك “بدأت”.
الخلاصة
الرهاب الاجتماعي ليس حكمًا نهائيًا على شخصيتك.
أنت قادر على التعبير، والظهور، والتواصل، فقط امنح نفسك فرصة للخطأ والتعلّم.
الخوف لا يزول بالهروب، بل بالتدريج… وبالإيمان أنك تستحق أن تُرى وتُسمع.