
كتبت / رنيم علاء نور الدين
لم تمرّ 24 ساعة على خروجه من المصحة النفسية، حتى ارتكب جريمة أعادت كل شيء إلى نقطة البداية.
عاد إلى منزله القديم في حي شبرا، مرتديًا نفس الجاكيت الرمادي الذي دخل به المصحة قبل عامين، كما لو أن الزمن لم يتحرك، وكأن كل ما مضى مجرد لحظة توقف فيها قلبه عن النسيان.
عند التاسعة مساءً، نزل الدرج ببطء، كأنه يعرف جيدًا إلى أين يذهب.
الشارع كان هادئًا، والرطوبة تتسلل من بين جدران البيوت، وفجأة، رأى وجهها.
كانت “نورا” تقف أمام باب شقتها، تمسك هاتفها وتضحك.
لم تلحظه… لكنه لم يحتج أكثر من تلك النظرة، تلك الضحكة، حتى اشتعل شيء ما داخله.
اقترب منها، خطوة تلو الأخرى، وأخرج سكينًا صغيرة من كم الجاكيت، طعنها ثلاث طعنات سريعة في الصدر والبطن، ثم وقف لحظة، يراقبها وهي تسقط.
يدها لا تزال تقبض على الهاتف، وعيناها متسعتان بدهشة… لم تفهم حتى آخر لحظة لماذا طعنها.
صراخها اخترق سكون الحي، ركض الجيران، حاولوا إنقاذها، وأمسكوا به قبل أن يهرب.
لم يقاوم.
حين سأله أحدهم:
“قتلتها ليه؟”
ردّ بنفس البرود الذي طعنها به:
“عشان كانت السبب إني اتجننت.”
التحقيقات كشفت أن القاتل، ويدعى (أ.س)، كان قد تقدم لخطبة “نورا” منذ عامين، لكنها رفضته أمام الجميع، وسخرت منه بطريقة حادة، تسببت في كسر نفسي عميق داخله، ليبدأ بعدها رحلة طويلة مع العلاج، بين جدران المصحة، يشخصه الأطباء بأنه يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة ونوبات غضب عنيفة.
لكن العلاج لم يشفِه.
بل غذّى داخله فكرة واحدة… أن الانتقام هو الحل الوحيد.
لم يزر أمه بعد خروجه، لم يتصل بأحد، لم يفتح هاتفه… فقط اتجه نحو عنوان واحد: وجهها.
التقرير النفسي أكد أنه كان مدركًا لتصرفاته وقت الجريمة، لا يعاني من نوبة ذُهانية، ولا هلاوس، وكان واعيًا ومدفوعًا بإرادة القتل.
النيابة وجهت له تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وقررت حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق، وأمرت بعرضه على الطب الشرعي لاستكمال التقرير النفسي النهائي.
لكن في شوارع شبرا، وسط الحكايات التي تتناقلها النساء على الأرصفة، والرجال الذين وقفوا يومها على صوت صراخ “نورا”، لم ينسَ أحد ملامح الجريمة…
ولا زال السؤال عالقًا في أذهانهم جميعًا:
هل يمكن أن يعيش إنسان لسنوات يحمل في قلبه طعنة… ثم يردّها في لحظة واحدة دون رحمة؟
Author Profile

-
إشعار خبر: منصة إخبارية سريعة تقدم أحدث الأخبار المحلية والعالمية، مع تغطية شاملة في مجالات الرياضة، الاقتصاد، الفن، والصحة، لتبقيك دائماً على اطلاع.
Latest entries
أخبار مصر17 يوليو، 2025غلق كلي لمطلع محور حسب الله الكفراوي من الأوتوستراد اليوم بسبب تسريب مياه
تقارير وحوارات17 يوليو، 2025جريمة القبو… حين خنقها ونام بجوار جثتها
تقارير وحوارات17 يوليو، 2025وضعت مولودها… ثم رحلت إلى الأبد
تقارير وحوارات17 يوليو، 2025” خرج من المصحة… ليقتل أول وجه تذكّره
إشعار خبر: منصة إخبارية سريعة تقدم أحدث الأخبار المحلية والعالمية، مع تغطية شاملة في مجالات الرياضة، الاقتصاد، الفن، والصحة، لتبقيك دائماً على اطلاع.