قال الحسن البصري: «ما زال التغافل من فعل الكرام». ولَهُ أيضاً: «ما استقصى كريم قط. قال الله تعالى: (عَرَفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ)». فالاستقصاء، ضِد التغافل، ومن الأخير الإعراض عن بعضٍ، كما في الآية.
ومن أعرض عن التغافُل، وقع في تتبع الأخطاء، وانغمس في وحل الصغائر، وغَرِق في بحرِ التوافه، فلا ارتاح، ولا أَراح، وسكب الملح على الجُرح، فلا تدقيقه أنجاه، ولا حرصه أعطاه.
تَغافَل في الأُمُورِ ولا تُنَاقِش
فيَقطَعُكَ القَرِيبُ وَذُوْ المَوَدهْ
مُنَاقَشَة الفتى تجني عَلَيهِ
وَتُبْدِلُهُ مِنَ الرَاحَاتِ شِدهْ
ومن عجيب التغافل وكريمه، ما نقله أبو علي الدَقَاق : «جاءت امرأة فسألت حاتماً عن مسألة، فاتفق أنه خرج منها صوت في تلك الحالة فخجلت، فأوهمها أنه أصم، فَسُرَّت المرأة بذلك، وقالت: إنه لم يسمع الصوت. فلُقِبَ بحاتم الأصم». وهذا يذكرنا، مع الفارق، بما في «جمهرة الأمثال» للعسكري: «قَوْلهم: أَصم عَما سَاءَهُ سميع. يُضْرب مثلاً للرجل يتغافل عَما يكره. وَمن أَجود مَا قيل فِي هَذَا الْمَعْنى، قَول بشار:
قل مَا بدا لَك من زورٍ وَمن كذبِ
حلمي أَصم وأذني غيرُ صماء».
وفي مدح المتغافلين والثناء عليهم، أدب يملأ الأوراق، فحين سُئِلَ بزرجمهر: «من أعقل الناس؟ قال: من لم يجعل سمعه غرضاً لسماع الفحشاء، وكان الغالب عليه التغافل». أما جعفر بن محمد الصادق، فاعتبر التغافل من العظمة: «عَظمُوا أَقْدَارَكُم بالتغافل».
وأحسن أبو تمام وأجاد في تعريف التَغَافُل، والتفريق بينه وبين الغفلة، في بيته:
لَيسَ الغَبِي بِسَيدٍ في قَومِهِ
لَكِن سَيدَ قَومِهِ المُتَغابي
تغافلوا تصحوا
موقع الكترونى اخبارى اجتماعى تنموى يهتم بكل ماهو جديد على الساحة المحلية والإقليمية والعالميهمن اخبار وفن ورياضة واقتصاد واحداث جارية ويهتم بالصحة والتعليم والتنمية المحليةhttps://www.youtube.com/@esharekhabar