
كتبت / رنيم علاء نور الدين
في صباح يوم الثلاثاء 12 نوفمبر 2019، كانت عقارب الساعة تقترب من الثامنة حين تلقت شرطة قسم قصر النيل بلاغًا من حارس عقار بشارع أبو الفدا في حي الزمالك، يقول فيه إن رائحة غريبة تخرج من إحدى الشقق في الدور الخامس، وإن المهندس الذي يسكنها لم يُر منذ أيام، رغم أنه كان دائم الحركة والانضباط.
حين وصلت قوة من مباحث القسم إلى الشقة رقم 14، لم يكن الباب مغلقًا بإحكام. لم يضطر رجال الشرطة إلى كسره، بل دفعوه فقط ففتح بسهولة، وكأن القاتل كان واثقًا أنه لن يعود أحد للبحث في الداخل. الشقة كانت نظيفة… حتى وصلوا إلى غرفة النوم.
الجثة: مشهد لا يُنسى
كان المهندس طارق مصطفى، 43 عامًا، مسجى على أرضية الغرفة، مغطى ببطانية بنية، لكن ما لفت انتباه الضباط هو أن رأسه لم يكن ظاهرًا. عندما أُزيحت البطانية، ظهر الرأس مفصولًا عن الجسد، والدم متجلط حوله. بدا كأن الجريمة مر عليها أكثر من 48 ساعة. لم يكن هناك آثار كسر أو عنف على باب الشقة، لكن غرفة النوم كانت فوضى: أدراج مفتوحة، ملابس مبعثرة، والكمبيوتر المحمول غير موجود.
الضحية: من هو طارق مصطفى؟
طارق كان مهندس ديكور حر، معروف في الوسط ببراعته وأناقة تصاميمه. عمل في مشاريع لكبار رجال الأعمال، وسافر كثيرًا للعمل بالخليج. كان يسكن وحده منذ طلاقه قبل عامين، وكان معروفًا بجدوله الصارم، حيث يبدأ يومه في السادسة صباحًا، ويمارس الجري اليومي على ضفاف النيل. أصدقاؤه قالوا إنه لم يكن يدخل في علاقات غامضة، لكنه كان يحتفظ بأسرار كثيرة، خاصة بعد انفصاله عن زوجته.
شهادات الجيران: من دخل الشقة؟
الجيران في الطابق الخامس أكدوا أن آخر مرة رأوا فيها طارق كانت مساء السبت، حين عاد ومعه شاب في أوائل العشرينات. وصفوه بأنه وسيم، بملامح صعيدية، وكان يحمل حقيبة رياضية سوداء. الحارس قال إنه ظن أنه أحد أقاربه، لأن طارق لم يكن يسمح لأي شخص غريب بالدخول دون معرفته.
الكاميرات في مدخل العقار رصدت بالفعل دخول الشاب مع طارق، لكن لم تسجّل خروجه. هنا بدأ الشك يتحول إلى يقين: القاتل لم يغادر بالطريقة المعتادة.
التحقيقات: من هو الشاب الغامض؟
بتفريغ الكاميرات المحيطة بشارع أبو الفدا، تبين أن الشاب خرج في الثالثة فجرًا من باب خلفي للعقار، مستخدمًا السلم الخارجي، ويحمل نفس الحقيبة السوداء. تتبعته الشرطة حتى خرج من نطاق الكاميرات في منطقة بولاق أبو العلا.
التحريات الموسعة توصلت إلى الشاب بعد أربعة أيام، عندما ألقت قوات الأمن القبض على عبد الرحمن شحاتة، 21 عامًا، من محافظة أسيوط، عامل سابق في ورشة نجارة كان طارق يشرف على تصميم ديكورها.
الاعتراف: الجريمة بدافع السرقة؟
عبد الرحمن اعترف تفصيليًا بالجريمة. قال إنه كان يعلم أن طارق يحتفظ بمبالغ مالية في شقته، وكان يثق فيه. خطط للدخول معه بحجة زيارة عابرة، ووضع حبة منومة في العصير، ثم طعنه بسكين كان قد خبأها في الحقيبة. لكن حين بدأ طارق في المقاومة، قام بفصل رأسه لضمان عدم نجاته، على حد قوله.
قال: “مكنتش أقصد أقتله، بس لما قاومني خفت يفضحني… وكنت محتاج فلوس“.
ما لم يُقال: أسرار لا تعرفها الكاميرات
رغم اعتراف المتهم، بقيت الشرطة تشك في أن الجريمة لم تكن بدافع السرقة فقط. بعض المقتنيات الثمينة لم تُمس، ووجود منوم يوحي بتخطيط مسبق. بعض المقربين من طارق ألمحوا إلى أنه كان يتعرض للابتزاز في الشهور الأخيرة، لكنه لم يفصح عن التفاصيل. التحقيقات أُغلقت رسميًا، لكن بقيت بعض الأسئلة بلا إجابة.
Author Profile

-
إشعار خبر: منصة إخبارية سريعة تقدم أحدث الأخبار المحلية والعالمية، مع تغطية شاملة في مجالات الرياضة، الاقتصاد، الفن، والصحة، لتبقيك دائماً على اطلاع.
Latest entries
أخبار الرياضة14 مايو، 2025اتحاد الكرة يخاطب الأندية بشأن تراخيص العمل للاعبين
أخبار الرياضة14 مايو، 2025الأهلي يقترب من إنتهاء ملف المدير الفني قبل مونديال الأندية
تقارير وحوارات14 مايو، 2025الدولار يضغط على الأسواق: موجة غلاء جديدة تهدد القوة الشرائية للمصريين
تقارير وحوارات14 مايو، 2025أسعار السلع الغذائية تواصل التصاعد: الزيت والأرز على رأس القائمة

إشعار خبر: منصة إخبارية سريعة تقدم أحدث الأخبار المحلية والعالمية، مع تغطية شاملة في مجالات الرياضة، الاقتصاد، الفن، والصحة، لتبقيك دائماً على اطلاع.