
كتبت / رنيم علاء نور الدين
لم يكن أحد ممن عرفوا قذافي فراج ليتخيل أن الرجل الهادئ، صاحب البدل الأنيقة، والمثقف المتدين، يخفي تحت قناعه أربعة جرائم قتل مروّعة، بعضها نفّذه بيديه، وبعضها دفن ضحاياه تحت أقدامه، بينما كان يواصل حياته بشكل طبيعي. كان يتحدث عن الأخلاق، ويدير محلات كتب ومكتبة دينية، ويمشي في جنازات من قتلهم بنفسه.
بدأت القصة في حي بولاق الدكرور، عام 2015، حين اختفت زوجته “فاطمة”، وهي أم لطفلين. اختفت فجأة، دون أن تودع أهلها، أو تترك خلفها أثرًا. أخبرهم قذافي أنها “هربت”، وأنه يبحث عنها. لم يشك أحد، حتى بعد مرور شهور، لأن الرجل كان يذهب بنفسه إلى قسم الشرطة ليسأل عن مستجدات البلاغ.
لكن فاطمة لم تهرب. فاطمة كانت أولى ضحاياه، بعدما اكتشفت خيانته وتحايله باسم الدين على زبائنه. واجهته، فخاف أن تفضحه. في لحظة غضب صامت، خنقها بيده حتى لفظت أنفاسها. لف جثتها في بطانية، ودفنها داخل حفرة في أرضية شقة سكنية كان يمتلكها تحت عقار في شارع المشتل، ثم أعاد البلاط فوقها، وغادر كأن شيئًا لم يكن.
مرت سنتان، وكان قذافي قد انتقل إلى الإسكندرية بهوية مزورة باسم “محمد مصطفى”، وسكن في حي العصافرة. هناك، اقترب من فتاة تدعى “نادين”، كانت طالبة جامعية، وبدأت تلاحظ تغير سلوكه، ثم اكتشفت أنه ليس “محمد” الحقيقي. هددته بفضحه.
فقام باستدراجها إلى شقته، ووضع لها منوّمًا في العصير. وعندما نامت، خنقها، ودفنها بنفس الطريقة تحت بلاط إحدى الغرف. ثم عاد ليعيش فوق جثتها عامًا كاملًا.
الجريمة الثالثة كانت الأبشع: صديقه المقرب “رضا”، محاسب، كان شريكه في مكتبة دينية. علم رضا أن قذافي يحتال على الزبائن بأسماء علماء مزيفة، ويجمع أموالًا دون وجه حق. هدده رضا، فكان الرد النهائي: عشاء مسموم، ثم خنق بالحزام، ودفن تحت الأرضية في بولاق بجوار فاطمة.
أما الضحية الرابعة فكانت “ياسمين”، خطيبته التي كان ينوي الزواج منها باسم مستعار. عندما شعرت بالقلق من تضارب تصريحاته، طلبت منه تأجيل الزواج. استدرجها، قتلها، ودفنها في شقة الإسكندرية.
ظل قذافي يمارس حياته كأن شيئًا لم يحدث. ارتدى ملابس أنيقة، ذهب للحج، حضر جنازات من قتلهم، وكان يواسي أسرهم ببكاء كاذب. لم يتردد في الصلاة فوق جثثهم… حرفيًا.
السقوط جاء مصادفة، حين ألقت الشرطة القبض عليه في قضية نصب، وكان يستخدم اسم شخص آخر. أثناء التحقيق، طلبوا بصماته، وظهرت المفاجأة: تطابق مع مشتبه به في بلاغات اختفاء. بدأ الربط، وتكشفت الخيوط.
قادهم إلى الشقة في بولاق، وهناك وجدوا رفات رضا وفاطمة. وبعد أيام، أُخرجت جثتا نادين وياسمين من تحت بلاط شقة الإسكندرية.
قذافي، الذي اعتاد المراوغة، اعترف في النهاية بكل شيء. قال في التحقيقات:
“مكنتش ناوي أقتل حد… بس كانوا دايمًا بيحشروا نفسهم في اللي ماليش نفس حد يعرفه.”
القضية أصبحت من أشهر جرائم القتل المتسلسلة في تاريخ مصر الحديث، وأثارت ضجة إعلامية ضخمة. وُصف بـ”سفاح الجيزة”، وتحوّلت قصته إلى مسلسل درامي بعد صدور الحكم عليه بالإعدام.
ظلّ قذافي هادئًا في المحكمة، يرتدي ملابس بيضاء، ويحمل في يده سبحة. لكن داخل هذا الهدوء، كانت تقف أربع أرواح، تطالبه بالعدالة.
Author Profile

-
إشعار خبر: منصة إخبارية سريعة تقدم أحدث الأخبار المحلية والعالمية، مع تغطية شاملة في مجالات الرياضة، الاقتصاد، الفن، والصحة، لتبقيك دائماً على اطلاع.
Latest entries
أخبار الرياضة14 مايو، 2025اتحاد الكرة يخاطب الأندية بشأن تراخيص العمل للاعبين
أخبار الرياضة14 مايو، 2025الأهلي يقترب من إنتهاء ملف المدير الفني قبل مونديال الأندية
تقارير وحوارات14 مايو، 2025الدولار يضغط على الأسواق: موجة غلاء جديدة تهدد القوة الشرائية للمصريين
تقارير وحوارات14 مايو، 2025أسعار السلع الغذائية تواصل التصاعد: الزيت والأرز على رأس القائمة

إشعار خبر: منصة إخبارية سريعة تقدم أحدث الأخبار المحلية والعالمية، مع تغطية شاملة في مجالات الرياضة، الاقتصاد، الفن، والصحة، لتبقيك دائماً على اطلاع.