"جريمة قتل مروة عبد الله: ليلة مأساوية في قلب الزمالك"

شارك الخبر

كتبت / رنيم علاء نور الدين

في مساء يوم 15 سبتمبر 2017، عاشت منطقة الزمالك في القاهرة واحدة من أبشع الجرائم التي هزت أرجاء المدينة. كان من المعتاد أن يمر هذا المكان الهادئ بالأحداث اليومية المعتادة، لكن تلك الليلة كانت مختلفة. في الساعة التاسعة مساءً، سمع جيران شقة مروة عبد الله صراخًا قويًا قادمًا من داخل شقتها، لكنهم لم يتوقعوا أن تكون تلك اللحظات هي بداية حادث قتل مرعب سيقلب حياة الجميع رأسًا على عقب.
مروة عبد الله، الشابة التي كانت تعمل في إحدى شركات التسويق الكبرى، عرفت بين أصدقائها وزملائها بهدوئها ورغبتها الدائمة في المضي قدمًا. كانت محبوبة من الجميع، وتمتعت بشخصية مشرقة مليئة بالحيوية. رغم تلك الصورة المثالية، كانت حياتها في الأشهر الأخيرة تمر بمرحلة صعبة بعد انفصالها عن حبيبها، ما جعلها في حالة من التوتر المستمر.
في تلك الليلة، وبينما كانت مروة في شقتها المريحة التي كانت تعدها ملاذًا خاصًا بعيدًا عن ضغوط العمل والحياة اليومية، عاشت مروة لحظات عصيبة انتهت بحياة مأساوية. فور وصول الشرطة إلى مكان الجريمة، اكتشف المحققون أن مروة كانت قد تعرضت للطعن عدة مرات في مناطق متفرقة من جسدها، وكان المكان يعج بالدماء. أدرك الجميع أن ما حدث لم يكن مجرد حادث عرضي.
تحقيقات الشرطة بدأت على الفور، وفي البداية، أظهرت الأدلة أن الجريمة لم تكن بدافع السرقة. الشقة كانت مرتبة والأشياء الثمينة لم تُمس. كل شيء كان يشير إلى أن الضحية كانت تعرف القاتل، وأن ما حدث كان نتيجة نزاع شخصي وليس مجرد حادث عابر.
أما شهادات الشهود كانت تتمثل في التالى:
• الجار المجاور: أفاد بأنه سمع أصوات صراخ وضوضاء في الساعة 9:00 مساءً، وأشار إلى أنه رأى شخصًا مجهول الهوية يغادر المبنى بعد فترة قصيرة من سماع الصراخ. لم يستطع الجار تحديد ملامح هذا الشخص بسبب الظلام.
• صديقتها المقربة: قالت إنها كانت على اتصال مستمر بمروة، وأنهما كانتا قد خططتا للقاء في المساء نفسه، لكن مروة أخبرتها في آخر مكالمة بأنها غير قادرة على الخروج بسبب شعورها بالإرهاق. كما أكدت أن مروة كانت تمر بفترة عاطفية صعبة بعد انفصالها عن صديقها السابق.
• الزميل في العمل: أفاد بأن مروة كانت قد تعرضت في الفترة الأخيرة لضغوط شديدة في العمل بسبب مشروعاتها المتعددة، وأنها كانت قلقة بشأن علاقتها الشخصية بعد انفصالها عن صديقها، وهو ما أضاف عبئًا نفسيًا عليها.
تم تشكيل فريق تحقيق خاص بقيادة المحقق سامي حسين، الذي بدأ العمل على جمع الأدلة والشهادات من شهود العيان والجيران. أول ما تم التركيز عليه هو الأشخاص الذين كانوا على علاقة بالضحية في الآونة الأخيرة. من خلال فحص سجلات الهاتف، تبين أن مروة كانت قد تلقت عدة مكالمات من شخص غير معروف، وهو ما دفع المحققين للتركيز على هذا الرقم كمشتبه به.
كما تم استجواب العديد من الأشخاص الذين كانوا في محيط مروة، لكن التحقيقات لم تسفر في البداية عن أي نتائج ملموسة. ومع ذلك، فقد تم فحص كاميرات المراقبة في المنطقة المحيطة بالشقة، وبدأت تتكشف بعض الأدلة التي تشير إلى أن الجريمة كانت قد ارتُكِبت في وقت متأخر من الليل، ما جعل تحديد الجاني أكثر تعقيدًا.
تم الكشف في وقت لاحق أن مروة كانت قد انفصلت عن شاب كان يُدعى كريم، وهو ما أثار الشكوك حول احتمال أن يكون هو الجاني. استمر التحقيق في البحث عن أدلة تدعم هذه الفرضية، وتم فحص كاميرات المراقبة في المنطقة المحيطة بالشقة، وتمكن المحققون من الحصول على مشهد يظهر فيه شخص مجهول يقترب من الشقة قبل الجريمة.
أخذ المحققون هذا المشهد على محمل الجد، وبناءً على فحص سجلات المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني الخاصة بمروة، تبين أن الشخص المشتبه به كان قد أرسل لها رسائل تهديد قبل يومين من وقوع الجريمة، وهو ما زاد من احتمالية تورطه في الحادث.
فيما بعد، تم التحقيق مع كريم، وتم الكشف عن أنه كان قد أرسل رسائل تهديد إلى مروة قبل الجريمة بيومين، وهو ما زاد من احتمالية تورطه في الحادث. عند مواجهته بالأدلة والشهادات، اعترف كريم بارتكابه الجريمة، موضحًا أن مشاعر الغضب والغيرة بعد انفصال مروة عنه دفعته إلى قتلها.
أثناء التحقيق، اعترف كريم بأنه لم يستطيع تحمل فكرة فقدان مروة، وأنه كانت لديه رغبة قوية في العودة إليها، لكن مروة رفضت. كان هذا الرفض هو النقطة التي دفعته إلى اتخاذ قرار قاتل، حيث قرر أن يواجه مروة في تلك الليلة، التي كانت نهايتها مأساوية.
تمت محاكمة كريم، وتم الحكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة القتل العمد. تبين أن الجريمة كانت ناتجة عن الغيرة والانفصال العاطفي، وهو ما يسلط الضوء على تأثير الصراعات العاطفية على الأفعال الفردية في بعض الحالات.