
كتبت / رنيم علاء نور الدين
في مساء يوم الجمعة الموافق 2 نوفمبر 2007، وصلت سيارة سوداء من نوع مرسيدس إلى بوابة فيلا عائلة الديب، الواقعة في كمبوند راقٍ على أطراف مدينة الرحاب بالقاهرة الجديدة. لم يكن أحد من الجيران يعرف من يكون الراكب، لكنه استُقبل من قِبل الأب، علاء الديب، بحرارة عند الباب، ودخل الاثنان سويًا إلى داخل الفيلا.
علاء الديب، 55 عامًا، كان رجل أعمال معروفًا في مجال المقاولات، يتمتع بسمعة متقلبة؛ البعض يرى فيه رجلًا ناجحًا، والبعض الآخر يهمس عن صفقات مشبوهة. زوجته، سحر شفيق، كانت أخصائية تجميل تدير عيادة خاصة. أما ابنهما كريم، 24 عامًا، فكان طالب ماجستير في الهندسة، معروفًا بانعزاله وكثرة خروجه ليلًا. الابنة، لمياء، كانت في الـ17 من عمرها، طالبة ثانوية هادئة تحب الرسم وتعاني من نوبات هلع غير مبررة منذ طفولتها.
آخر ظهور مسجل للعائلة كان الساعة 7:42 مساءً، حين التُقطت صورة من كاميرا بوابة الكمبوند تظهر دخول السيارة السوداء، والتي تبين لاحقًا أنها لا تتبع أي ساكن أو زائر مسجل.
في اليوم التالي، لاحظ الجيران أن الأنوار في الفيلا لم تُطفأ ليلًا، وهو أمر غير معتاد، لكنهم لم يشتبهوا بشيء. مرّ يومان دون أي حركة تُذكر من داخل المنزل، ولا رد على الهواتف أو فتح للباب. يوم الاثنين، حاول شقيق سحر الاتصال عدة مرات دون رد، وأبلغ الأمن الذي فتح الفيلا ليكتشف واحدة من أكثر الجرائم إثارة للغموض في تاريخ المنطقة.
عُثر على الجثث الأربع مصطفة بدقة على الأرائك في الطابق السفلي. كل جثة كانت مغطاة ببطانية خفيفة، ولا تظهر عليها أي علامات عنف أو مقاومة. لكن تقرير الطب الشرعي لاحقًا أظهر أنهم جميعًا توفوا نتيجة تسمم بمادة نادرة تُستخدم في المستشفيات البيطرية وتُحقن في الوريد، ما جعل الوفاة هادئة وبلا صراخ.
الأكثر غرابة أن الطابق العلوي كان مرتبًا بعناية. المائدة كانت معدّة لعشاء فاخر: طاجن لحم، أرز بالزعفران، سلطات متعددة، ونبيذ فرنسي باهظ الثمن. اثنان من الكؤوس كان بهما آثار لعاب مطابق للحمض النووي لعلاء وسحر، أما الكأس الثالثة فكانت نظيفة تمامًا، وكأن الضيف لم يشرب أو مسح آثاره لاحقًا.
لم يُعثر على أي آثار اقتحام، ولا كاميرات مراقبة في الداخل، وأجهزة الأمن تم تعطيلها بشكل احترافي. تم استجواب عامل الأمن، لكنه أكد أن الضيف دخل بإذن من علاء، ورفض الإدلاء بأي تفاصيل أخرى بدعوى الخوف.
التحقيقات استمرت أشهرًا، واستُدعي شركاء علاء السابقين في العمل، خاصة رجل يُدعى رفعت النميري، كان بينه وبين علاء نزاع قضائي حاد بسبب مشروع مشترك فشل. لكن لم يتم توجيه أي اتهام له، إذ كانت لديه حجة غياب مدعمة بتذاكر سفر إلى دبي ليلة الحادثة.
تم اكتشاف رسائل بريد إلكتروني محذوفة من جهاز علاء، لكن خبير التقنية نجح في استرجاع بعضها، ومنها رسالة تحمل جملة واحدة: “نلتقي لنتفاهم أخيرًا، وحدنا.” لم يُعرف من المرسل، ولا ما الذي دار في تلك الجلسة الأخيرة.
بحلول نهاية 2008، تم حفظ القضية رسميًا تحت بند “جريمة ضد مجهول”، وأطلق عليها الإعلام لقب “جريمة الضيف الأخير“.
Author Profile

-
إشعار خبر: منصة إخبارية سريعة تقدم أحدث الأخبار المحلية والعالمية، مع تغطية شاملة في مجالات الرياضة، الاقتصاد، الفن، والصحة، لتبقيك دائماً على اطلاع.
Latest entries
أخبار الرياضة14 مايو، 2025اتحاد الكرة يخاطب الأندية بشأن تراخيص العمل للاعبين
أخبار الرياضة14 مايو، 2025الأهلي يقترب من إنتهاء ملف المدير الفني قبل مونديال الأندية
تقارير وحوارات14 مايو، 2025الدولار يضغط على الأسواق: موجة غلاء جديدة تهدد القوة الشرائية للمصريين
تقارير وحوارات14 مايو، 2025أسعار السلع الغذائية تواصل التصاعد: الزيت والأرز على رأس القائمة

إشعار خبر: منصة إخبارية سريعة تقدم أحدث الأخبار المحلية والعالمية، مع تغطية شاملة في مجالات الرياضة، الاقتصاد، الفن، والصحة، لتبقيك دائماً على اطلاع.