بقلم : إيريني نعيم
في الصحة العادية ، يجب أن يكون لديك قدر جيد من المناعة مبدئياً ثم يتم حقنك بفيروسات ضعيفة كل فترة كي تتعامل معها أجهزتك وتنتصر عليها، وفي هذه العملية يطوّر جسمك الجسيمات التي يمكنها التغلب على الفيروس القوي مستقبلاً وتصبح المناعة أقوى وأقوى . لحظات ويتضح التشبيه:
في الحياة اليومية من المعتاد أن تتعرض لمضايقات متعددة سواء من عقلك أو من الآخرين ، فالتفكير المفرط يمكنه أن يؤثر عليك بسوداويته وخيالاته الصعبة ويغير حالتك النفسية بسهولة ، ويمكن أن تتحول تلك التغييرات إلى تغييرات دائمة مع الوقت ، مما يهدد الصحة النفسية ، أيضا المضايقات من الآخرين على اختلاف أسبابها وأشكالها تترك آثاراً كبيرة في النفس وتؤثر على الصحة النفسية وعلى طريقة رؤية الحياة ورؤية العلاقات .
-ما هي المناعة النفسية ؟
مناعتك النفسية : هي الوعي بالنفس أو الوعي الذاتي ، وتبدأ عند ملاحظتك وإنتباهك لتصرفاتك ، كلما فعلت شيئاً وشعرت بشعور ما انتبهت لذلك الشعور وعرفت ماهيته . مثالاً على ذلك ، شكرك من ساعدته فشعرت بالسعادة : لماذا ؟ ربما لأنك تحب أن تشعر بأنك مفيد ، ربما لأنك تحب مساعدة الناس أو عبس في وجهك زميلك فتضايقت ، لماذا ؟ ربما لأنك تخاف أن تصبح وحيداً ، ربما لأنك تحب أن يكون الناس حولك سعداء ، ربما لأنك تحب أن تكون محط الاهتمام ، وهكذا ، مرة فمرة يتكون لديك كتيّب المشاعر الخاص بك ، فتعرف الأسباب التي تجعلك تشعر بما تشعر به في كل موقف ، وتدرك دوافعك ومخاوفك ورغباتك الحقيقية التي قد تكون خافية على الناس ، في الحقيقة هذه الأمور من المتوقع أن تكون خافية عليك إذا لم تكن مهتماً .
-كيف يتم اكتساب الوعي الذاتي ؟
1– الوعي بالنفس الناتج عن نصائح الآخرين .
هو سعيك لتلقّي النصيحة ، هو مصدر يتيح لك أن ترى نفسك بشكل جيد عن طريق وصف الآخرين لك ، أذكر مثلاً صينياً معناه أن “كُلاًّ منا يولد وهو يحمل حقيبة عيوبه وراء ظهره ، لا يمكنه رؤيتها ، ويحتاج إلى الآخرين كي يصفوا له عيوبه ” اطلب أنت منهم ذلك ، اسألهم مباشرة “ما هي مميزاتي؟ وما هي عيوبي؟ ” ، بشرط أن يكون الأدب والتواضع من سماتك ، وإلا فسوف يقيم الخوف والغرور سوراً من الكرامة الزائفة حول نفسك فلا تتمكن من تلقّي ما يقال لك ، ولا يُجاوزْ أذنيك ، ولن تستفيد منه ، وشئ مهم : ما أنصح به في مسألة تلقّي انطباعات الناس عنك هو ألا تتعامل مع كل الآراء بالأهمية نفسها ، كلما كان الشخص قريبا منك وصديقاً حقيقياً كان رأيه أهم بالطبع ، وكلما كان العكس (وبالذات إذا بدر لك منه ما يدل على عدم صفاء نفسه تجاهك أو تجاه الآخرين) فلا تعتبر رأيه حقيقياً إلا إذا وصلك تأكيد على ما قاله من آخرين ممن تثق في رأيهم .
2- – الوعي بالنفس النابع من تأملك أنت .
هذه الطريقة أصعب على معظم الناس لكنها -أيضا – أسهل على البعض الآخر ويمكن تعلّمها بالممارسة ، وهي مراجعة المواقف ومحاولة استنباط المزايا والعيوب الشخصية وحدود القدرات منها ، فعن طريق قضاء وقت كافِ يومياً أو أسبوعياً أو بين الحين والآخر وتذكُّر الأحداث والمواقف يمكن مراجعة التصرفات والمشاعر ووضع كل منها في إطاره المناسب ، مما يُثْري الوعي الذاتي ويجدد محتواه ، أيضا فكّر في كل تصرف وقم بتقييمه على المعايير التي أنت مقتنع بها ، وأعرف إلى أي درجة أنت متفق مع نفسك في هذا التصرف .
-ماذا بعد أن عرفت إمكانياتك ومزاياك وعيوبك؟ هناك طريقان ينبغي أن تسير فيهما :
1- اعمل على زيادة إمكانياتك .
إذا كان هذا متاحاً ، وحتى إذا لم يكن متاحاً فسوف يكون
دور عقلك الباطن الاهتمام بهذا الأمر ، فهو يعمل طوال
الوقت ودون أن تشعر ليدفعك إلى الطرق التي يمكنك
أن تحقق بها ما تبحث عنه ، فيكون سبباً خفياً في
موافقتك على أمور ورفضك لغيرها ، إعمل على تطوير
المزايا واستكشاف إمكانيات الاستفادة منها، ثم
الإستفادة منها بالفعل ، إعمل على إزالة العيوب وتغيير
نقاط الضعف سواء كان ذلك بتطوير الصفات العكسية
بنفسك أو الاستعانة بخبير أو التعلم ، لا تقف في مكانك
وكل من حولك وما حولك في تطوّر مستمر .
2- إقضي وقتاً أطول مع نفسك .
لكي تعرف المشاعر التي صاحبت كل تصرف فعلته
وكل موقف مررت به ، ثم لتعرف المشاعر الأكثر عمقاً
والتي نتجت عنها تلك المشاعر ، يجب أن تجلس مع
نفسك ، في النهاية ستجد مخاوف ورغبات ، كلما فهمتها
أكثر واعترفت بوجودها زاد وعيك بنفسك ، وأصبحت
واضحة بالنسبة لك ، فزادت قوتك في الحياة ، وزادت
ثقتك في كل ما تفعله وفي كل علاقاتك ، هذه المخاوف
والرغبات منها ما سترغب في تقويمه ، ومنها ما سترغب
في تطويره ، ومنها ما سترغب في الاستفادة منه ، تناول
ذلك بهدوء وبالتدريج ، ومع الوقت ستفاجأ بما أنت عليه
وبما يمكنك فعله
-“الوعي الذاتي” هو حجر الأساس في نجاح التعامل بين
الناس ، وحجر الأساس في تحقيق النجاح “طويل الأمد”
في الحياة بشكل عام ، وحجر الأساس في الشعور بالنجاح
الشخصي طوال الوقت ، وحجر الأساس في التصالح
النفس ، وهذا الوعي الذاتي يتكوّن نتيجة معرفتك
وإدراكك لأمرين : مزاياك وقدراتك ونقاط قوتك ،وعيوبك وحدودك ومواطن ضعفك ومخاوفك ، أهم الطرق التي يتكون لديك عن طريقها وعي ذاتي قوي ودائم .
في النهاية عزز ثقتك بنفسك وكن واقعي في تقييم
قدراتك وإمكانياتك ومهاراتك ، لا تبالغ فيها ولا تقلل من
قيمتها ، وضع هدفاً يتماشى معها ولا يفوقها كي لا
تصاب بالإحباط ، وتجنب كل ما يُشعرك بالضغط ، وكُن
مرناً وصبوراً في تعاملك مع ضغوط الحياة .
موقع الكترونى اخبارى اجتماعى تنموى يهتم بكل ماهو جديد على الساحة المحلية والإقليمية والعالميهمن اخبار وفن ورياضة واقتصاد واحداث جارية ويهتم بالصحة والتعليم والتنمية المحليةhttps://www.youtube.com/@esharekhabar